2/2006
لم تعد هي كما كانت … ولا الناس هم الناس … شئ ما فيها تغير … المتاجر الخاوية …ورائحة السمك المشوي التي اختفت … وتلك البهجة التي غابت من وجوه الناس … هكذا بدت لنا أبو قير حين ذهبنا إليها كإمرأه شمطاء تنحدر إلي النهاية … ورغم أن محافظ الإسكندرية حاول أن يجملها وأن يلطخ بيوتها بلون موحد …
إلا أن هذا الطلاء الزائف تساقط من علي بيوت الصيادين ليكشف لنا عن معاناة هؤلاء البسطاء , خمسة آلاف صياد في أبو قير يعيشون تحت خط الفقر بعد أن تحالفت ضدهم القرارات الحكومية المتعاقبة وأغلقت أمامهم كل أبواب الرزق بدعوي إنشاء الميناء البحري التجاري …! ولكي تكتمل حلقات المأساة قامت الحكومة في عام 2004 بغلق الجبل واللسان أو ما يسمي بالبحر الميت في أبو قير وقامت بإزالة 76 كافتيريا ومطعما للأسماك وتشريد الآلاف من العاملين بها لتقضي تماما علي مظاهر الحياة في أبو قير بعد أن تحولت من منطقة سياحية واصطيافه إلي مكان يضم العاطلين عن العمل …!
وقد بدأت القصة منذ عام 1986 حين فوجئ أهالي أبو قير بقرار لا يعرفون حتى اليوم مصدره وهو القرار الخاص بإنشاء ميناء بحري تجاري في مياه خليج أبو قير علي أربعة مراحل , المراحل الثلاث الأولي خاصة بالميناء , أما المرحلة الرابعة فهي خاصة بإنشاء مرسي للصيادين , وبالرغم من مرور عشرين عاما إلا أن هذه المرسي لم يتم إنشائه حتى اليوم …1 ومن المعروف أن شاطئ أبو قير بطوله قبل هذا القرار كان مرسى للصيادين غير أن الحكومة مع البدء في تنفيذ المراحل الخاصة بالميناء قامت بإزاحتهم عن الشاطئ شيئا فشيئا حتى حاصرتهم في مكان ضيق يسمي “بجونة الصيادين ” وهي مرسى غير مجهز بشغالات تموين الجاز والمياه أو أدوات أو مناشر للشبك والغزول أو حتى رصيف لاستقبال المراكب …!
أما الأدهى والأمر فإن ذلك المرسى لا يسمح إلا بخروج مركب واحد صغير الحجم إلي البحر أو العودة منه , أما قمة المأساة فتكمن في أن حرس الحدود لا يسمح لأي مركب بالدخول إلي المرسى بعد السابعة مساء وأن أي صياد يتأخر بقاربه عن هذا الموعد يتم إرغامه إلي العودة إلي البحر في هذا الشتاء القارس وتحت المطر …!
يقول جابر عبد المجيد لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان …” منذ أسبوع عدت بقاربي الصغير الذي يعمل بمجدافين في الساعة السابعة والنصف مساء ففوجئت بهم يمنعوني من الاقتراب من المرسى , عدت إلي البحر